ولا يبعد ـ كما أرى ـ أنّ الحديثين كانا في بطن الريب ، ولم ينزّلا من ظهر الغيب. ولم يولدا إلّا بعد حين من الدهر ، ولم يكونا من قبل شيئاً مذكوراً ، لكنّ صِرار معاوية وتعاون الحاقدين على الإمام معه اختلق كثيراً من نحو ذلك.
لقد كان حديث الكتف والدواة واضح الدلالة على المراد كتابته ، وهو تأكيد النص ـ تحريرياً ـ على خلافة الإمام عليّ عليهالسلام وهذا هو الّذي فهمه الحاضرون ، ومنهم عمر لذلك منع منه ، وقد مرّت بنا في أجوبة التساؤلات الأربعة إثبات ذلك فلا حاجة إلى إعادته.
ولمّا كان الحديث المذكور أقضّ مضاجع الكثير من القائلين بخلافة أبي بكر ، فبذلوا جهداً جهيداً وأصروا عناداً على التماس مخرج من المأزق الّذي أوقعهم فيه الحديث المذكور. فقالوا وقالوا وقد مرّت بنا نماذج من ذلك في أقوال علماء التبرير.
وأظن انّ القارئ على ذُكر من مقالة ابن حزم الظاهري الّذي ذكر الحديث ثمّ عقـّب قائلاً : « هذه زلة العالم الّتي حذّر منها الناس قديماً ، وقد كان في سابق علم الله تعالى أن يكون بيننا الإختلاف وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله اُخرى ، فلذلك وافق عمر ومن وافقه بما نطقوا به ، ممّا كان سبباً إلى حرمان الخير بالكتاب الّذي لو كتبه لم يُضل بعده.
ولم يزل أمر هذا الحديث مهمّاً لنا ، وشجى
في نفوسنا ، وغصة نتألم لها ، وكنا على يقين من الله تعالى لايدع الكتاب الّذي أراد نبيّه صلّى الله عليه (وآله)