لقد مرّ في صور الحديث رواية عكرمة لأربع من صوره ، وهي على مابينها من تفاوت الألفاظ الّذي قد تحمّل عبئه الرواة عنه ، لكن القاسم المشترك بينها يوحي بأنّ حديث الكتف والدواة ، كان يوم الاثنين اليوم الّذي مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (الصورة ١٧ و ١٨ و ١٩ و ٢٠).
وهذا كشف جديد لم يسبق إليه غير عكرمة ، ولمّا كان احتمال أن يكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا بكتابة الكتاب مرتين ، مرة في يوم الخميس في مرضه قبل وفاته بأربعة أيام ، ومرة أخرى في يوم الاثنين يوم وفاته ، احتمال مستبعد جداً ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا كان في دعوته يوم الخميس لم يلق استجابة مُرضية ، بل سمع كلمة نابية جافية ، لماذا يكرر الطلب ثانياً وهو القائل لمن سأله في يوم الخميس بعد طرد المنازعين : أنأتيك بالّذي طلبت فقال أو بعد ماذا ؟ (الصورة ١٨).
وفي رواية عكرمة (الصورة ١٨) : ثمّ أتوه بالصحيفة والدواة فقال : (بعد ما قال قائلكم ما قال ؟) فمن أبى أن يكتب بعد الّذي سمعه من عمر ، كيف يستدعي مرة اخرى باحضار الدواة والكتف ليسمع عين الجواب الأوّل منه أيضاً ؟
فما ورد في روايات عكرمة في المقام لايخلو من نظر ، خصوصاً وان عكرمة كان كذاباً وقد كذب على ابن عباس حتى حبسه عليّ بن عبد الله بن عباس على باب الكنيف فقيل له فيه : فقال : « أنّه يكذب على أبي » (١) ، وأمره في الكذب مشهور ، حتى أنّ ابن عمر قال لمولاه سالم : « اياك أن تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عباس » (٢).
_______________________
(١) سير أعلام النبلاء ٥ / ٥١٢ ط دار الفكر.
(٢) نفس المصدر.