وفي القرآن الكريم ذكر لبعض أصنام أهل الحجاز ، وذكر لجدلهم مع الرسول في الإسلام ، وفي الحياة ، وفي المثل الجاهلية وفيه تعرض لنواحٍ من الحياة الاقتصادية والسياسية عندهم.
وفيه أمور أخرى تخص الجاهلية وردت فيه على قدر ما كان لها من علاقة بمعارضة قريش للقرآن والإسلام. وفي كل ما ورد فيه دليل على أنّ صورة الإخباريين التي رسموها للجاهلية ، لم تكن صورة صحيحة متقنة ، وأنّ ما زعموه من عزلة جزيرة العرب ، وجهل العرب وهمجيتهم في الجاهلية الجهلاء ، كان زعماً لا يؤيده القرآن الكريم الذي خالف كثيراً ما ذهبوا إليه » (١).
فعلى ضوء ما قدّمناه ينبغي لنا أن نعرف ما يقال عن وصف الحالة في الجزيرة العربية بأنّها كانت جاهلية مظلمة.
جاهلية مظلمة ، وجور سائد ، وظلم فاشٍ ، يقاسي الضعيف من القوي الأمرين ، وينال العبد من مواليه البلاء ، وينوش الأنثى أحياناً الهضم والظلم ، إنّما هي حالة الأعراب ، نعم وهي كذلك حالة بعض العرب قبل الإسلام ، وهي تختلف في الشدّة والضعف باختلاف قبائل العرب ، وتفاوت مداركهم وتمازجهم مع أصحاب الحضارات من بلاد الروم وفارس.
حسبنا ما روي من حديث جعفر بن أبي طالب مع النجاشي : « ملك الحبشة كنا أهل جاهلية : نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ،
_______________________
(١) المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ١ / ٦٦ ط الاُولى سنة ١٩٦٨ بيروت.