وقد بقيت آثار ذلك النزاع والتخاصم حتى بعد ما جاء الإسلام ، فكانت النعرات القبلية الجاهلية تطفو على السطح بين الحين والآخر ، وكانت لها آثارها السيئة في نخر بُنية التكامل الإسلامي (١).
ولكن مهما طال النزاع ومهما اشتدت الخصومة ، فإنّ فضل بني هاشم لا يوازي ، إذ ليس بيت كمثله في رفعته وسموه. وهم على حد قول ابن عباس رضياللهعنه لمعاوية ، وقد أثار معاوية نخوة الجاهلية في حديثٍ له. قال : ليس حي من قريش يفخرون بأمر إلّا والى جنبهم من يشركهم إلّا بني هاشم (٢).
وكانت الحالة الدينية في مكة على نحو ما كانت عليه حالة العرب في سائر أنحاء الجزيرة ، فثمة أصنام تعبد ويتقرب إليها ، إلّا أنّ بين أهلها من كان ينظر في الكتب السماوية ، ويدين بالحنيفية البيضاء ـ دين إبراهيم الخليل عليهالسلام ـ ومنهم هاشم بن عبد مناف وورقة بن نوفل وزيد بن عمرو وأمية بن أبي الصلت ،
_______________________
(١) وقد أشار إلى ذلك شيخ البطحاء أبو طالب في أشعاره فقال :
رجال تمالوا حاسدين وبغضةً |
|
لأهل العلا فبينهم أبداً وتر |
وليد أبوه كان عبداً لجدنا |
|
إلى علجة زرقاء جال بها السحرُ |
وتيم ومخزوم وزهرة منهم |
|
وكانوا بنا أولى إذا بُغي النصر |
إلى أن يقول :
فوالله لا تنفك منا عداوة |
|
ولا منهم ما دام من نسلنا شفر |
(٢) أنظر العقد الفريد ٢ / ٣١٨ ، والملاحم والفتن لابن طاووس الحسني / ٨١ ـ ٨٢ ، وسيأتي في احتجاجاته مع معاوية.