الاستعمال صار اللقب مشعراً برفعة المسمّى ، ولعل في غلبة استعمال (اللقب) في المدح ، واستعمال (النبز) في الذم ما يشير إلى ذلك التطور. ومهما يكن فإنّ الألقاب المستحسنة كانت ولا تزال تشعر عن مكانة الملقّبينَ ورفعتهم ، قال الشاعر :
وقلّما أبصرت عيناك من رجل |
|
إلا ومعناه إن فكّرت في لقبه (١) |
ويرى الفقهاء في استعمال الألقاب المستحسنة والمستحبة الجواز ، بخلاف استعمال النبز والألقاب القبيحة (٢) ، وكان لحبر الأمة عبد الله بن عباس كنىً متعددة ، كما له ألقاب عديدة.
فمن كناه : (ابن عباس) وهي التي أشتهر بها ، حتى طغت على باقي كناه والقابه ، بل وحتى على أسمه ، فكاد أن لا يعرف إلا بها ، وقد اختصت به ، فلا يعرف بها عند اطلاقها غيره حتى من أخوته على كثرتهم إلّا بقرينة حالية أو مقالية. قال ابن الأثير : « غلبت عليه بنوة أبيه ـ ابن عباس ـ دون باقي أخوته » (٣).
وبتلك الكنية كان يعبّر عنه الرواة وأهل الحديث في كتب التفسير والسنة ـ غالباً ، وحتى كتب الأدب واللغة والتاريخ ، بخلاف كنيته الأخرى (أبو العباس) إذ وكان له ولد أسمه العباس ويلقب بالأعنق ، وكان أكبر ولده (٤) وإن لم يكن أشهرهم ولا أفضلهم.
_______________________
(١) لطائف المعارف للثعالبي / ٤٥.
(٢) أنظر الجامع لأحكام القرآن ١٦ / ٣٣٠.
(٣) المرصّع / ٢٤٨.
(٤) جاء في تاريخ
الخلفاء ط موسكو سنة ١٩٦٧ سلسلة الآثار الشرقية : وكان العباس بن عبد الله أكبر أولاده ، وبه كان يكنى ولا عقب له ، وقارن طبقات ابن سعد ١ / ١١١ من
الطبقة