ومن ألقابه : (رباني الأمة) ، قال الثعالبي : « ربّاني الأمة : هو عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب كان يقال له : ربانيّ الأمة ، وحبرها ، وترجمان القرآن » (١) ، وقد سماه بذلك كل من محمّد بن الحنفية وعمرو بن دينار (٢).
والآن فقد رأينا مداليل ألقابه كلها مشعرة برفعة المسمّى وسمّوه فكان أولها أشهرها وآخرها أشرفها ، فإن معنى الرباني هو المتأله العارف بالله تعالى كما عن الثعالبي والفيروزأبادي ، وشديد التمسك بدين الله وطاعته ، كما في الكشاف وغيره ، أو هو الذي يربّي أمور الناس بتدبيره واصلاحه ، كما ذكره الطبرسي ، وقال ثعلب : إنّما قيل للفقهاء الربانيون ، لأنهم يربّون العلم أي يقوّمونه (٣).
ما دامت صفات الإنسان ـ الخَلقِية والخُلقية ـ فيها دلالة على تمامية التعريف ، فلا بد لنا إذن من الإلمام بشيء من صفات الحبر ابن عباس رضياللهعنه بما تيسر لنا من معرفته ، فانها تحكي لنا بعض مميزاته وخصائصه ، وقد قال ابن عباس رضياللهعنه : « الناس يتفاضلون في الدنيا بالشرف والبيوتات والإمارات والغنى والجمال والهيئة والمنطق ، ويتفاضلون في الآخرة بالتقوى واليقين ، فأتقاهم أحسنهم يقيناً ، وأزكاهم عملاً ، وأرفعهم درجة » (٤).
_______________________
(١) ثمار القلوب / ١١٣.
(٢) ستجد هذه الكلمات منسوبة إلى مصادرها فيما يأتي بعنوان ـ جمل الثناء والإطراء.
(٣) ثمار القلوب / ١١٣ ، وتفسير الكشاف ، ومجمع البيان في تفسير قوله تعالى : ( كُونُوا رَبَّانِيّ ) آل عمران ٧٩ ، والقاموس (ربب).
(٤) المحاسن والأضداد للجاحظ / ١٢٣ ، والمحاسن والمساوي للبيهقي ١ / ٧٦.