تحيّرت العقول في الإهتداء إليه ، ومعرفة معناه ؛ لأنّه كما نقرأ في القرآن الكريم أنّ علم التأويل علّمه الله عبده يوسف الصدّيق ، حيث قال ( وَكَذلِكَ يَحْتَبيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِن تَأوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) (١).
إذاً فلا عجب إن لم نهتدي إلى حقيقة الرؤيا وما يراه الإنسان في النوم ، فإنّنا لا ندري ما يحدث للإنسان حينما ينام ، فهل تخرج روحه حين النوم أم لا ؟
وهل تتعلّق الروح ببدن آخر يشبه بدنه موقّتاً ويفارقه إذا استيقظ ، فإلى أين يذهب ، وأي شيء يرى ؟
فهل تصعد الروح مع البدن إلى السماء أم ينتشر في الأرض ، أو بين السماء والأرض ـ كما عليه بعض الروايات ـ وكيف يرى الأشياء ، ممّن يتلقّى ذلك ، ولماذا تكون الرؤيا في بعض الأحيان صادقة واُخرى كاذبة ، ولماذا تظهر نتائج بعض المنامات عاجلة واُخرى آجلة ، وثالثة غير ذلك ؟
فهل لهذه المنامات تفسير صحيح أو شيء يرجع إلى ذوق المعبّر والمفسّر ، وهل التفسير يقع كما يفسّره المفسّرون أم لا يضرّ ذلك بالرائي مهما فسّروا رؤياه ؟
وهل يمكن أن نتّخذ من القرآن والروايات والأحاديث الإسلاميّة ضوابط للتفسير والتعبير للمنامات أم أنّ تأويل الرؤيا ممّا اختصّ به النبيّ والإمام ولا سبيل لغيرهم إلى ذلك ؟
فهذه مباحث مهمّة على ضوء القرآن والسنّة نشير إليها حسب الجهد ، حيث أشار الله سبحانه وتعالى في آيات عديدة وفي سور متعدّدة إلى هذه الحالة النفسانيّة في الإنسان ضمن بيان قصّة إبراهيم ويوسف ، وما رآه نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووردت روايات كثيرة في ذيل هذه الآيات تشرح وتفسّر ما ورد في القرآن ، وتزيح الستار عن بعض أسرار الرؤيا والمنامات.
_________________________
(١) يوسف ١٢ : ٦.