فيتوكلوا على الله.
ثم اعلم أن الاصحاب استدلوا بهذه الاية على ما هو المشهور من عموم القصر سفرا وحضرا ، وجماعة وفرادى ، وفيه نظر إذ الظاهر أن الضمير في قوله سبحانه ( فيهم ) راجع إلى الاصحاب الضاربين في الارض الخائفين عدوهم ، كما ذكره الطبرسي ره وغيره ، فلا عموم لها مع أنه لا دلالة فيها على القصر فرادى.
( فاذا قضيتم الصلاة ) يحتمل وجهين :
الاول : أن يكون المعنى إذا فرغتم من صلاة الخوف لا تدعوا ذكر الله ، بل كونوا مهللين مكبرين مسبحين ، داعين بالنصرة والتأييد في كافة أحوالكم [ من قيام وقعود واضطجاع ، فان ما أنتم فيه من الخوف والحرب جدير بذكر الله ودعائه واللجأ إليه.
قال في مجمع البيان : (١) أي ادعوا الله في هذه الاحوال لعله ينصركم على عدوكم ، ويظفركم بهم ، عن ابن عباس وأكثر المفسرين ، وقيل : المراد به التعقيب مطلقا ، وقيل : إشارة إلى ماورد به الروايات من استحباب التسبيحات الاربع بعد الصلوات المقصورة ، وقيل : المراد به المداومة على الذكر في جميع الاحوال كما في الحديث القدسي : يا موسى اذكرني ، فان ذكري على كل حال حسن.
الثانى : أن يكون المراد : إذا أردتم قضاء الصلاة وفعلها في حال الخوف و القتال فصلوها ( قياما ) مسايفين ومقارعين ، ( وقعودا ) جاثين على الركب مرامين ( وعلى جنوبكم ) مثخنين بالجراح.
وقيل : المراد حال الخوف مطلقا من غير اختصاص بحال القتال ، وقيل : إشارة إلى صلاة القادر والعاجز أي إذا أردتم الصلاة فصلوا ( قياما ) إن كنتم أصحاء ( وقعودا ) إن كنتم مرضى لاتقدرون على القيام ( وعلى جنوبكم ) إن لم تقدروا على القعود ، روى ذلك عن ابن مسعود. وعلى هذا التفسير يستفاد الترتيب أيضا
____________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ١٠٤.