واختلف الاصحاب في مسيرة أربعة فراسخ ، فدهب جماعة من الاصحاب منهم المرتضى وابن إدريس وكثير من المتاخرين إلى أنه يجب عليه التقصير إذا أراد الرجوع من يومه ، والمنع منه إن لم يرد ذلك.
وقال الصدوق في الفقيه : وإذا كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب ، وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر ، ونحوه قال المفيد والشيخ في النهاية إلا أنه منع من التقصير في الصوم فيما إذا لم يرد الرجوع من يومه.
وقال الشيخ في كتابي الاخبار : إن المسافر إذا أراد الرجوع من يومه ، فقد وجب عليه التقصير في أربعة فراسخ ، ثم قال : على أن الذي نقوله في ذلك أنه إنما يجب عليه التقصير إذا كان مقدار المسافة ثمانية فراسخ ، وإذا كان أربعة فراسخ كان بالخيار في ذلك ، إن شاء أتم وإن شاء قصر.
وظاهر هذا الكلام العدول إلى القول بالتخيير ، وإن أراد الرجوع ليومه ، ولهذا نقل الشهيد في الذكرى عن الشيخ في التهذيب القول بالتخيير في تلك الصورة ، و نقل ذلك عن المبسوط وعن ابن بابويه في كتابه الكبير وقواه.
أقول : النقل من المبسوط لعله اشتباه ، إذ فيما عندنا من نسخه هكذا : و حد المسافة التي يجب فيها التقصير ثمانيه فراسخ أربعة وعشرون ميلا ، فان كانت أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه وجب أيضا التقصير ، وإن لم يرد الرجوع من يومه كان مخيرا بين التقصير والاتمام انتهى والكتاب الكبير للصدوق لم نظفر عليه ، نعم ظاهركتابي الاخبار ذلك ، وإن كانا قابلين للتأويل.
وقال ابن أبي عقيل : كل سفر كان مبلغه بريدين وهو ثمانية فراسخ ، وبريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد ، أو مادون عشرة أيام فعلى من سافره عند آل الرسول إذا خلف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وغاب عنه منها صوت الاذان أن يصلي صلاة السفر ركعتين ، ونقل في المختلف (١) عن سلار أنه إن كانت المسافة
____________________
(١) المختلف : ١٦٢.