أربعة فراسخ وكان راجعا من يومه قصر واجبا ، وإن كان من غده فهو مخيربين القصر والاتمام ، ونقله عن ابن بابويه.
فمرادهم بالغد إن كان معناه الحقيقي كان قولا آخر ، وان كان المراد به ماعدا اليوم كان بعينه قول المفيد ، وحد المسافة ابن الجنيد بمسير يوم للماشي و راكب السفينة.
ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الاخبار ففي كثير منها إناطة التقصير بثمانية فراسخ ، وفي كثير منها بأربعة فراسخ ، واختلفوا في الجمع بينها ، فحمل الشيخ في أحد وجهيه وجماعة أخبار الاربعة على ما إذا أراد المسافر الرجوع ليومه.
واحتجوا على ذلك بصحيحة زرارة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن التقصير فقال : بريدذاهب وبريد جاء ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أتى ذبابا قصر (١) وذباب على بريد ، وإنما فعل ذلك لانه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ. وأمثالها ولا دلالة فيها على رجوع اليوم بوجه بل تدل على أن الذهاب والمجئ محسوبان معا في مسافة البريدين.
مع أن الروايات المتضمنة لتوبيخ أهل عرفات على عدم التقصير تأبى عن هذا الحمل ، إذا الظاهر أن خروجهم للحج بل بعضها صريح في ذلك ، ولايتحقق معه رجوع اليوم ، نعم في فقه الرضا ما يدل على هذا الوجه ، ولعل الصدوق أخذه منه ، وتبعه القوم.
وجمع الشيخ وغيره بينها بوجه آخر ، وهو تنزيل أخبار الثمانية على الوجوب والاربعة على الجواز ، وحمل الشهيد الثاني أخبار الاربعة على الاستحباب ، وله وجه فانه أنسب بالتوبيخ على الترك والامر بالفعل ، وإن كان بعيدا أيضا إذ التهديد بالويل ، والتخويف بالعذاب لايناسب ترك المستحب إلا أن يقال : التوبيخ والتهديد لاعتقادهم تعين الاتمام وإيقاعهم ذلك على وجه التعيين واللزوم.
____________________
(١) الفقيه ج ١ ص ٢٨٧ والظاهر انتهاء الخبر هنا.