والاظهر في الجمع بينها أن يقال : المعتبر في السفر الموجب للتقصير أن تكون المسافة التي أرادها المسافر ثمانية فراسخ ، وإن كان بحسب الذهاب والعود معا ، فلو أراد السفر أربعة فراسخ وأراد الرجوع إلى المحل الذي سافر منه من غير أن ينقطع سفره بالوصول إلى منزله أو إقامة عشرة فيما بين ذلك ، كان عليه التقصير ، وإن لم يرد الرجوع من يومه ، لقصد المسافة التي هي ثمانية فراسخ.
وبه تتطابق الاخبار وتتصالح من غيرمنافرة ، ويؤيده مرسلة صفوان (١) قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن رجل خرج من بغداد يريد أن يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى ابلغ النهروان وهي أربعة فراسخ من بغداد إذا أراد الرجوع ويقصر؟ قال : لايقصر ولايفطر ، لانه خرج من منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ إنما خرج يريد أن يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به المسير إلى الموضع الذي بلغه ، ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان عليه أن ينوي من الليل سفرا والافطار ، فان هو أصبح ولم ينو السفر فبداله من بعد أن يصبح في السفر قصر ولم يفطر يومه ذلك.
وأما ما ذكره ابن أبي عقيل رحمه الله فان كان مراده ما ذكرنا ، فنسبته إلى آل الرسول صلىاللهعليهوآله حسن لانه الظاهر من أخبارهم ، وإلا فلا وجه لتخصيص العشرة أيضا ، إذا يمكن أن يرجع بعد عشرين يوما مثلا ولم يقطع سفره بقصد إقامة العشرة في موضع.
ويؤيد الاربعة أن أحدا من المخالفين لم يقل به ، ومنهم من قال بالثمانية فالتعبير عن الاربعة بالثمانية يمكن أن يكون لنوع من التقية ، أو لمن يريد الرجوع كما عرفت.
وأما المخالفون فالاوزاعي قال : هي ثمانية فراسخ ، وقال الشافعي : ستة عشر
____________________
(١) التهذيب ج ٤ ص ٢٢٥ ط نجف ج ١ ص ٤١٦ ط حجر ، ، وفيه قال : سألت الرضا عليهالسلام.