وعلى هذا فيجوز أن يكون التقدير اقصروا من الصلاة إن خفتم ، أولا جناح عليكم أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ، بقرينة السؤال ، ووقوعه في المصحف بعد ذلك.
قيل : وعلى هذا يتوجه القول الثاني أو الثالث في القصر بالنسبة إلى الخوف مع الاول بالنسبة إلى السفر ، ويتوجه أيضا قول أصحابنا إن كلا من السفر والخوف موجب للقصر كما يتوجه على قراءة ترك ( إن خفتم ).
على أن الاجماع والاخبار تكفي في ذلك كما تقدم ، وربما أمكن فهم
____________________
ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان يفتنكم الذين كفروا ) الاية فحينئذ تكون الحكم ثابتا من الله عزوجل خوفا منه على الامة أن بفتنهم الذين كفروا ، فيعم حال السفر مطلقا خاف المسلمون أنفسهم أولم يخافوا كما في قوله تعالى ( يبين الله لكم أن تضلوا ) أى مخافة منه أن تضلوا.
لكنه قد ذهب عليه أن قوله تعالى : ( فاذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) يصرح بأن حكم القصر انما كان في ظرف المخافة وعدم الطمأنينة ، فلا يفيد انكاره نزول ( ان خفتم ) كما أن قوله تعالى : ( واذا كنت فيهم ) الاية انما ينظر إلى سفرهم وخوفهم من الاعداء ، وهو واضح.
ثم انه قد أتى بعضهم الاخر ببدع واختلق حديثا نسبه إلى عظماء الاصحاب بأن صدر الاية نزلت قبل ثم انقطع الوحى ، ثم نزل تتمه الاية بعد سنة ، وهو كما ترى لايدفع الاشكال ، بل يثبته.
وذلك لان الشرط : ( ان خفتم أن يفتنكم ) اذا لحق بصدر الاية وفيها حكم القصر ، صار مقيدا لاطلاقة ، ولزم بعد نزوله اشتراط حكم القصر بالخوف من فتنة الاعداء وجاء الاشكال برمته بعد سنة ، واذا لم يلحق بصدر هذه الاية وهو خلاف ظاهر الكتاب والسنة صار ذيل الاية : ( ان خفتم ) الخ لغوا من القول تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.