فرض الله على القلب من الإِقرار والمعرفة ، وهو عمله وهو رأس الإِيمان ، وفرض على اللّسان القول والتعبير عن القلب ما عقد عليه وأقر به ، فقال تبارك وتعالى : ( قُولُوا آمَنَّا ) (٩) الآية ، وقال : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (١٠) وقال : ( وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ) (١١) وقال : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ) (١٢) وأشباه ذلك ممّا أمر الله عزّ وجلّ بالقول به ، فهذا ما فرض الله عزّ وجلّ على اللّسان وهو عمله ، وفرض على السّمع (١٣) أن يتنزّه عن الاستماع إلى ما حرّم الله وما لا يحلّ له ، (١٤) وهو عمله وذلك من الإِيمان ، ( وفرض على العينين غضّ البصر عمّا حرّم الله وهو عملهما ) (١٥) ، وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم الله ، وأن يغضّ عمّا نهى الله عنه ممّا لا يحلّ له وهو عمله ، وذلك من الإِيمان ، وقال تبارك وتعالى : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ) (١٦) من أن ينظر أحدهم إلى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه من أن ينظر إليه أحد ، ثمّ قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزّنى ، إلّا هذه الآية فهو من النّظر ، ثم نظم ما فرض الله على القلب واللّسان والسّمع والبصر في آية واحدة فقال : ( وَلَا تَقْفُ ) (١٧) الآية ، وقال : ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ ) (١٨) الآية ، يعني بالجلود [ الفروج ] (١٩) والأفخاذ ، فهذا ما
____________________________
(٩) البقرة ٢ : ١٣٦ .
(١٠) البقرة ٢ : ٨٣ .
(١١) الأحزاب ٣٣ : ٧٠ .
(١٢) الكهف ١٨ : ٢٩ .
(١٣) في المصدر زيادة : الإصغاء إلى ما أمر الله به ، و .
(١٤) سقط من هنا كلام طويل ، راجع المصدر .
(١٥) ما بين القوسين ليس في المصدر .
(١٦) النور ٢٤ : ٣٠ .
(١٧) الاسراء ١٧ : ٣٦ .
(١٨) فصلت ٤١ : ٢٢ .
(١٩) أثبتناه من المصدر .