فلا تغدرن بذمّتك ولا تخيسنّ (٤) بعهدك ، ولا تختلنّ عدوّك ، فإنه لا يجترىء على الله إلّا جاهل شقي ، وقد جعل الله عهده وذمّته أمناً أفضاه بين العباد برحمته ، وحريماً يسكنون إلى منعته ، ويستفيضون إلى جواره ، فلا إدغال (٥) ولا مدالسة ولا خداع فيه ، ولا تعقد عقداً يجوز فيه العلل ، ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة ، ولا يدعوك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى [ طلب ] (٦) انفساخه بغير الحق ، فإن صبرك على ضيق [ أمر ] (٧) ترجو انفراجه وفضل عاقبته ، خير من غدر تخاف تبعته وإن تحيط بك ( فيه من الله طلبته ، لا تستقبل ) (٨) فيها دنياك ولا آخرتك » .
ورواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول (٩) وفيه : « لا تدفعن صلحاً دعاك إليه عدوّك فيه رضى ، فإن في الصلح دعة لجنودك ، وراحة من همومك ، وأمناً لبلادك ، ولكنّ الحذر كلّ الحذر من مقاربة عدوّك في طلب الصلح ، فإن العدوّ ربّما قارب ليتغفّل ، فخذ بالحزم وتحصين (١٠) كلّ مخوف تؤتى منه ، وبالله الثقة في جميع الأُمور ، وإن لجّت (١١) بينك وبين عدوّك قضية عقدت له بها صلحاً أو ألبسته منك ذمّة » إلى آخره .
[ ١٢٣٨٨ ] ٢ ـ دعائم الإِسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عهد إليه عهداً ، وكان ممّا عهد فيه : « ولا تدفعن صلحاً
____________________________
(٤) خاس فلان بوعده ، يخيس إذا أخلف وخاس بعهده إذا غدر ونكت ( لسان العرب ج ٦ ص ٧٥ ) .
(٥) إدغال : في الحديث : اتخذوا دين الله دغلاً أي يخدعون الناس ، وأصل الدغل ، الشجر الملتف الذي يكمن أهل الفساد به ( لسان العرب ج ١١ ص ٢٤٥ ) .
(٦) أثبتناه من المصدر .
(٧) أثبتناه من المصدر .
(٨) ما بين القوسين في المصدر : من الله فيه طلبة فلا تستقيل .
(٩) تحف العقول ص ٩٧ .
(١٠) وفيه : تحصن .
(١١) لجت : قد لجت القضية بيني وبينك : أي وجبت ( لسان العرب ج ٢ ص ٣٥٥ ) .
٢ ـ دعائم الإِسلام ج ١ ص ٣٦٧ .