أهل الجمل أخذت عليهم بيعتي فنكثوها وخرجوا من حرم الله وحرم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى البصرة ، ولا إمام لهم ولا دار حرب تجمعهم ، فإنّما أخرجوا عائشة زوجة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) معهم لكراهتها لبيعتي ، وقد خبّرها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بأنّ خروجها عليّ (٥) بغي وعدوان ، من أجل قوله عزّ وجلّ : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) (٦) وما من أزواج النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) واحدة أتت بفاحشة غيرها ، فإنّ فاحشتها كانت عظيمة ، أوّلها خلافها فيها أمرها الله في قوله عزّ وجلّ : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ) (٧) فإن تبرجها أعظم من خروجها وطلحة والزبير إلى الحجّ ، فوالله ما أرادوا حجّة ولا عمرة ، ومسيرها من مكّة إلى البصرة ، وإشعالها حرباً قتل فيه طلحة والزبير وخمسة وعشرون ألفاً من المسلمين ، وقد علمتم أن الله عزّ وجلّ يقول : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ) (٨) إلى آخر الآية ، فقلت لكم لما أظهرنا الله عليهم ما قلته ، لأنه لم تكن لهم دار حرب تجمعهم ، ولا إمام يداوي جريحهم ويعيدهم إلى قتالكم مرّة أُخرى ، وأحللت لكم الكراع والسلاح (٩) وحرمت (١٠) الذراري ، فأيكم يأخذ عائشة زوجة النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في سهمه ؟ » قالوا : صدقت والله في جوابك ، وأصبت وأخطأنا ، والحجّة لك ، قال لهم : « وأمّا قولي بصفّين : اقتلوهم مولّين ومدبرين ونياماً وايقاظاً ، وأجهزوا على كلّ جريح ، ومن ألقى سلاحه فاقتلوه ، ومن أغلق بابه فاقتلوه ، واحللت لكم سبي الكراع والسلاح وسبي الذراري ،
____________________________
(٥) في المصدر زيادة : خروج .
(٦) الأحزاب ٣٣ : ٣٠ .
(٧) الأحزاب ٣٣ : ٣٣ .
(٨) النساء ٤ : ٩٣ .
(٩) في المصدر زيادة : لأنه به قدروا على قتالكم ولو كنت أحللت الكراع والسلاح .
(١٠) في المصدر : وسبي .