فقال : « لقد كان والله علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، يشبه القمر الزاهر ، والأسد الخادر ـ إلى أن قال ـ وقد رأيته يوم صفّين وعليه عمامة بيضاء ، وكأنّ عينيه سراجان ، وهو يتوقف على شرذمة شرذمة ، يحضهم ويحثهم ، إلى أن انتهى إليّ وأنا في كنف من المسلمين ، فقال : « معاشر الناس استشعروا الخشية ، واميتوا الأصوات ، وتجلببوا بالسكينة ، وأكملوا اللّامة ، وقلقلوا السيوف في الغمد قبل السلّة ، والحظوا الخزر (٣) ، واطعنوا الشرز (٤) ، ونافحوا بالظبى (٥) ، وصلوا السيوف بالخطا ، والرماح بالنبال ، فإنكم بعين الله مع ابن عمّ نبيّكم ، عاودوا الكرّ واستحيوا [ من ] (٦) الفرّ ، فإنه عار باق في الأعقاب ، ونار يوم الحساب ، فطيبوا عن أنفسكم نفساً ، واطووا عن الحياة كشحاً ، وامشوا إلى الموت مشياً ـ إلى أن قال ـ إلا فسوّوا بين الركب ، وعضّوا على النواجذ ، واضربوا القوانص (٧) بالصوارم ، واشرعوا الرماح بالجوانح ، وشدّوا فإنّي شادّ ما هم لا تبصرون (٨) » الخبر .
ورواه في النهج (٩) من قوله : « واستشعروا الخشية » مع اختلاف يسير .
[ ١٢٤٨٠ ] ٨ ـ نصر بن مزاحم في كتاب صفّين : عن عمر بن سعد ، عن عبد الرحيم بن عبد الرحمان ، عن أبيه : أنّ علياً أمير المؤمنين حرّض الناس فقال : « إنّ الله عزّ وجلّ قد دلّكم على تجارة تنجيكم من العذاب ، وتشفي
____________________________
(٣) الخزر : النظر من جانب العين ، وهو علامة العضب ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٣٦ ) .
(٤) الطعن الشرز : ما كان عن يمين وشمال ( لسان العرب ج ٤ ص ٤٠٤ ) .
(٥) نافحوا بالظبى : أي قاتلوا بالسيوف ، وأصله أن يقرب أحد المقاتلين من الآخر بحيث يصل نفح كل واحد منهما إلى صاحبه وهي ريحه ونفسه ( لسان العرب ج ٢ ص ٦٢٣ ) .
(٦) أثبتناه من المصدر .
(٧) القوانص : جمع قانصة ، قوانص الطير : حواصلها ( لسان العرب ج ٧ ص ٨٣ ) .
(٨) « حم لاينصرون » وهو استظهار من الشيخ النوري ، وهو ملائم للسياق .
(٩) نهج البلاغة ج ١ ص ١١٠ ح ٦٣ .
٨ ـ وقعة صفّين ص ٢٣٥ ، وورد في شرح النهج لابن أبي الحديد ج ٥ ص ١٨٧ .