بكم على الخير : إيمان بالله ورسوله ، وجهاد في سبيله ، وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ، ومساكن طيّبة في جنّات عدن ، ورضوان من الله أكبر ، فأخبركم بالذي يجب ( عليكم من ذلك ) (١) فقال : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) (٢) فسوّوا صفوفكم كالبنيان المرصوص ، وقدّموا الدراع ، واخّروا الحاسر ، وعضّوا على الأضراس ، فإنه أنبا للسيوف عن الهام ، وأربط للجأش ، وأسكن للقلوب ، واميتوا الأصوات ، فإنه أطرد للفشل ، وأولى بالوقار ، والتووا في أطراف الرماح ، فإنه أموَر للأسنّة ، وراياتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ، ولا تجعلوها إلّا في أيدي شجعانكم ، المانعي الذمار ، والصبر عند نزول الحقائق ، هم أهل الحفائظ الذين يحفّون براياتهم ويكتنفونها (٣) يضربون خلفها وأمامها ، ولا تضيّعوها ، أجزأ كلّ امرء منكم (٤) ـ رحمكم الله ـ قرنه ، وواسى أخاه بنفسه (٥) ، ولم يكل قرنه إلى أخيه ، فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه ، فيكتسب بذلك لائمة ، وتأتي به دناءة ، وأنّىٰ لا يكون هذا هكذا ، وهذا يقاتل اثنين ، وهذا ممسك يده ، قد خلى قرنه على أخيه هارباً منه ، وقائماً ينظر إليه ، من يفعل هذا يمقته الله ، فلا تعرضوا لمقت الله ، فإنّما مردكم إلى الله ، قال الله لقوم عابهم (٦) : ( لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا ) (٧) وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف الآخرة ،
____________________________
(١) ما بين القوسين ليس في المصدر .
(٢) الصف ٦١ : ٤ .
(٣) أثبتناه من المصدر ، وفي الطبعة الحجرية : يكشفونها .
(٤) جاء في هامش النسخة الحجرية ما نصه : «كذا في نسختي ، وفي شرح ابن أبي الحديد : وهلا أجزأ كلّ امرء . . . الخ » ( منه قدّه ). علماً بأن ما في نسختنا من النهج مطابق للمتن .
(٥) ورد في هامش الحجرية ما نصه : ( رحم الله امرءاً واسى أخاه ، نسخة الإرشاد ) .
(٦) ليس في المصدر .
(٧) الأحزاب ٣٣ : ١٦ .