والآن إلى بحث مسألة سم الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، لأنّ من المؤرخين من أنكرها جملة وتفصيلاً كابن خلدون ، ومنهم من برّأ ساحة يزيد وأبيه عن ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء كابن كثير ، ولم يبعد عنه الذهبي كما ستأتي كلماتهم بعد هذا.
أمّا الآن فإلى عرض روايات السمّ وتسمية المحرّض والمباشر.
لقد روى البلاذري في ترجمة الإمام الحسن من كتابه أنساب الأشراف : « ويقال إنّه سُمّ أربع دفعات فمات في آخرهنّ ، وأتاه الحسين وهو مريض فقال له : أخبرني من سقا ك السم؟ قال : لتقتله؟ قال : نعم. قال : ما أنا بمخبرك ، إن كان صاحبي الّذي أظن فألقه أشدّ نقمة ، وإلاّ فهو الله لا يقتل بي برئ » (١).
وروى البلاذري أيضاً عن الهيثم بن عدي : « أنّ معاوية دسّ إلى زوجة الحسن وهي ابنة سهيل بن عمرو مائة ألف دينار على أن تسقيه شربة بعث بها إليها ففعلت » (٢).
وهذه الرواية لم أقف عليها عند غير البلاذري ، إلاّ أنّ ابن أبي الحديد ذكر عن المدائني خبراً يوحي من طرف خفي بحال تلك المرأة ، فقد ذكر في شرح النهج قال : « تزوج الحسن بن عليّ ( عليه السلام ) هند بنت سهيل بن عمرو وكانت عند عبد الله بن عامر كريز فطلّقها ، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية ، فلقيه الحسن ( عليه السلام ) فقال : أين تريد؟ قال : أخطب هند بنت
____________________
(١) أنساب الأشراف ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ٣ / ٥٥ تح ـ المحمودي ط بيروت.
(٢) أنساب الأشراف ترجمة الإمام الحسن ( عليه السلام ) ٣ / ٥٩ تح ـ المحمودي ط بيروت.