لقد آذنت شمس الخلافة بالغروب في آخر يوم موادعة الإمام الحسن ( عليه السلام ) مع معاوية بن أبي سفيان. وفي ذلك اليوم بدأ فيه الملك العضوض للشجرة الملعونة في القرآن ، وأنغض شياطينها برؤوسهم كرؤوس الشياطين ، فصالح الإمام وهو السيّد ـ كما سمّاه جده في حديث أبي هريرة وابي بكرة وابي جحيفة ـ معاوية الصعلوك ـ كما سماه النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في حديث فاطمة بنت قيس (١).
وفي ذلك اليوم صدق الله رسوله الرؤيا الّتي رآها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وانزل فيها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة ، فقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْيَانًا كَبِيرًا ) (٢).
وإلى القارئ أقوال بعض علماء أهل السنّة في ذلك :
١ ـ قال الجاحظ ـ وهو المعروف بعثمانيته ـ : « ... إلى أن كان من اعتزال الحسن ( رضي الله عنه ) الحرب ، وتخلية الأمور عند انتشار أصحابه ، وما رأى من الخلل في عسكره ، وما عرف من اختلافهم على أبيه وكثرة تلوّنهم عليه.
فعندها استبد معاوية على الملك ، واستبد على بقية الشورى وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الّذي سمّوه ـ عام الجماعة ـ وما كان عام
____________________
(١) أنظر مسند أحمد ٦ / ٤١٢ ط الأولى.
(٢) الإسراء / ٦٠.