إنّ الباحث المحقق يستلفت نظره اختلاف روايات المؤرخين في حضور ابن عباس في الشام عندما أتى معاوية خبر موت الإمام الحسن ( عليه السلام ) ، وإظهاره الشماتة بذلك ، حتى أنّه كبّر وسجد وسجد معه كما سيأتي خبر ذلك. وعلى ذلك الاختلاف تضاربت مواقف المؤرخين في هذه القضية ، فمنهم من صرّح بأنّه كان بالشام كالزبير بن بكار في الموفقيات كما حكاه عنه الإربلي في كشف الغمة ، ويظهر من ابن قتيبة واليعقوبي مثل ذلك وربما من آخرين مثلهم.
ومنهم من صرّح بأنه كان بالشام ولكن ليس حين أتى النعي بموت الإمام ( عليه السلام ) ، بل كان بعد ذلك بأيام كما عن ابن أعثم الكوفي وسيأتي خبره.
ومنهم من ارتأى أنّ الّذي كان بالشام هو قثم بن العباس وليس عبد الله كما في الدر النظيم ويأتي خبره.
فالآن إلى عرض النصوص :
أوّلاً : ما رواه الزبير بن بكّار ( ت ٢٥٦ هـ ) في الأخبار الموفقيات كما حكاه الإربلي ( ت ٦٩٢ هـ ) في كشف الغمة ، ولولاه لضاع هذا مع ما ضاع من نصوص الأخبار الموفقيات ، إذ لم يوجد في المطبوع منها بتحقيق الدكتور سليم النعيمي كما فاته أن يذكره مع الضائع من الموفقيات ، وقد استدركته عليه فيما استدركت من الموارد وقد بلغت خمسة عشر نصاً. وإليك ذلك بتوسط كشف الغمة :
قال الإربلي : « وحدّث الزبير عن رجاله قال : قدم ابن عباس على معاوية ، وكان يلبس أدنى ثيابه ويخفض من شأنه لمعرفته أنّ معاوية كان يكره إظهاره لشأنه ، وجاء الخبر إلى معاوية بموت الحسن بن عليّ ( عليه السلام ) ، فسجد شكراً لله تعالى ،