وما أقدر من القرآن على حرف حتى كنت لأصلي فأمر من يلقّنني » (١). وخبر البلاذري فيه جهالة الرجل الراوي عن ابن عباس ، ومع الاغماض عمّا في أسانيده فإن آخر الخبر ظاهر في الموازنة بين معاوية وبين ابن الزبير ، وتفضيل معاوية على ابن الزبير ، وهذا لا يعني شهادة من ابن عباس في حقّ معاوية تزكّيه عمّا اقترف ، وحسبنا غروره مع ما أساء واعترف ، فمن غروره ما قاله إسماعيل بن قيس : « دخلنا على معاوية في مرضه الّذي مات فيه فقال : هل الدنيا إلاّ ما جرّ بنا ، لوددت أنّي لا أقيم فيكم إلاّ ثلاثاً حتى ألقى الله ، فقلنا إلى رحمة الله ، فقال إلى ما شاء الله ، إنّي لم آل فيكم إذ وليتكم فإن الله لو كره أمراً غيّره » (٢).
قال ابن عيينة : « هذا والله الاغترار ، ألم تكن مقاتلته عليّاً وقتله حجراً وبيعته يزيد ممّا يكره الله تعالى » (٣) وحسبنا تعقيباً في المقام قول عائشة وقد رواه ابن عساكر وعنه ابن كثير (٤) بالاسناد عن الأسود بن يزيد قال : « قلت لعائشة : ألا تعجبين لرجل من الطلقاء وينازع أصحاب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في الخلافة؟
فقالت : وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البرّ والفاجر ، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة وكذلك غيره من الكفّار » (٥)
والآن إلى قراءة مرويات مفتريات على ابن عباس في فضل معاوية ، انتقيناها من البداية والنهاية لابن كثير ، لأنّ شعوط اعتمدها كما مرّ ، ولا غرابة
____________________
(١) المصنف لعبد الرزاق ـ وهو أحد الرواة عن معمر ـ ١١ / ٣٠.
(٢) محاضرات الراغب ٢ / ٢٢٢.
(٣) نفس المصدر.
(٤) البداية والنهاية ٨ / ١٣١.
(٥) تجد التحريف في تاريخ ابن عساكر وكذا في مسند الطيالسي في هذا الحديث مع ان ابن كثير نقله عنهما.