يقول : « تلقّفوها يا بني أمية تلقّف الكرة فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة » (١). والولد سرّ أبيه.
ولا شك أنّ معاوية ازداد حنقاً على الإسلام بعد تولي الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قيادة الأمة ، فلم يرضخ لحكمه ، بل أعلن تمرّده بعتو وجبروتية ظالمة ، فكان كما قال الجاحظ ومن تلاه.
ولا شك أنّ أهل البيت أصبحوا في وضع خطير وجهاد مرير مع معاوية.
ولمّا كان الإمام الحسن ( عليه السلام ) وهو صاحب الحقّ في الخلافة وأولى الناس بالناس قد وادع مضطراً ، وسمع الكثير من شيعته ومواليه عتاباً مرّاً ، فلا شك في ابن عباس وهو من أبرز بني هاشم قد واجه المحنة في تلك الفترة بصبر أمرّ من الصبر ، وليس أمامه في ذلك الاختبار العسير سوى الصمود وخوض المعركة مع معاوية لصيانة مبادئ الإمام الّتي هي مبادئ الإسلام ، والّتي قاتل عليها في صفين. ولمّا شيم السيف الّذي كان يشهره في حروبه مع الإمام ، فعليه أن يشهر سلاحه الآخر الّذي هو أنكى في العدو ، وذلك سلاح الرواية في نشر فضائل الإمام وأهل بيته خوفاً عليها من الضياع بعد منع معاوية عن التحدّث بها ، وعقوبة من يرويها ببراءة الذمة وهي تعني القتل. كما جد في نشر فضائح الأمويين بكلّ جرأة وإقدام ، وعلينا أن نقرأ بعض مواقفه في محاربته معاوية وبني أمية عن طريق الرواية ، ثمّ مواجهته الساخنة في محاوراته معهم.
إذا أردنا معرفة موقف ابن عباس من الحكم والحاكم الأموي الجديد ، يجب أن لا ننسى النزاع والتخاصم القائم بين بني أمية وبني هاشم ، وما بقي من
____________________
(١) أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ٤١٠ ـ ٤١١ ط مصر الأولى.