ثمّ حكى تأويل من صح عنده الحديث بما لا يستحق أن يذكر ، فهو تبرير من غير حجة.
ولنقف عند هذا الخبر من المفتريات على ابن عباس في فضائل معاوية وأبيه أبي سفيان ، وستأتي جملة وافرة من هذه الشاكلة في الحلقة الثالثة عند البحث عن أحاديثه ما صحّ وما لم يصح.
والّذي دعاني إلى تقديم هذه النماذج من الزبارج ما ساقه شعوط من شهادة ابن عباس المفتراة عليه ليبيض بها صحيفة معاوية ، وما درى أنّه سوّد صفحته وصحيفته.
ويبقى معاوية كما قال الدكتور سامي على النشار ـ وقد تقدم قوله ـ : « ومهما قيل في معاوية ومهما حاول علماء المذهب السلفي المتأخر وبعض أهل السنّة من وضعه في نسق صحابة رسول الله ، فإنّ الرجل لم يؤمن أبداً بالإسلام ، ولقد كان يطلق نفثاته على الإسلام كثيراً ولكنه لم يستطع أكثر من هذا » ، ولا نستكثر اذن قول ابن أبي الحديد : « ومعاوية عند أصحابنا مطعون في دينه ، منسوب إلى الإلحاد ، قد طعن فيه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) » (١).
لقد كانت لمعاوية نفثات محمومة مسمومة ، شاهدة عليه بالكفر ، ولم يتجن التاريخ عليه حين روى بعضها :
فمنها : عن المغيرة بن شعبة ما سمعه منه ليلة فعاد مغتماً متبرماً متأففاً فسأله ابنه المطرف بن المغيرة عن سبب غمّه فقال : يا بني جئت من أكفر الناس
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٥٣٧ ط مصر الأولى.