في حرب صفين ، وفيه : « فإنك راس الناس بعد عليّ » ولم يخدع ابن عباس بتلك المخاتلة والمغازلة.
وإنّ الخط البياني للعلاقة بين ابن عباس المأموم وبين ابن عمه الإمام لم يشهد منحيات تباعد بينهما فكراً وأسلوباً ومنهجاً ، وإن جهد المناؤون أن يوجدوا زاوية حادة لينفذوا منها في ثغرة فيوسعوها حتى النُفرة ، ولكنّا حين تبينّا الدسّ فقد تبنّينا العكس ، كما سيأتي توضيح ذلك بتفصيل في الحلقة الرابعة ( ابن عباس في الميزان ).
ولم نلاحظ أي تغيير في رأيه تجاه مبادئ الإمام بعد وفاته ، فهو على أنماط سلوكه في حياته ، بل ازدادت مواقفه الجهادية في الدفاع عنه ومقارعة أعدائه ضراوة وقساوة ، ولم يزل صامداً في خط المواجهة الساخن كجندي محارب ، ضد معاوية وأشياعه ، وحتى مع الخوارج والنواصب.
وعلى ذلك فقد ناصبوه العداء ، سواء المعلَن أو المبطّن ، وحسبنا دليلاً على ذلك محاوراته مع المناوئين وسيأتي الكثير منها في الحلقة الثانية إن شاء الله في صفحة احتجاجاته.
ليس من شك في أنّه لا يوجد في جميع بني هاشم رهط الإمامين الحسنين ( عليهما السلام ) بعدهما ـ من يوازي ابن عباس في رصيده العالي في رواية الحديث. وحتى من كان يمتلك بعض ذلك فلم يرو الرواة عنه انّه استعمل رصيده ضدّ الحاكمين كما استعمله ابن عباس. كما لا شك في أنّه لا يوجد في حملة الحديث من الصحابة من يمتلك جرأة كجرأة ابن عباس في التحديث