الموروث عن النبيّ المصطفى وابن عمه المرتضى من أخبار وإخبار بما ستلاقي عترته من بعده في عهد يزيد ، فهو في حال اضطراب شديد لما سيحلّ بالمسلمين من الفوادح. ولات حين مناص من مزيد ترقّب ، لتتابع الأحداث سراعاً منذرة بالخطر.
فمع الأحداث المتتابعة :
لعل أوّل حدَث غامت به نفس ابن عباس كتاب يزيد إليه بمبايعته ، وقد مرّ جواب ابن عباس عليه. وأحسب أنّه كان في المدينة بعد رجوعه من مكة عمرة رجب ، وقد مرّ بنا كتاب يزيد إلى واليه الوليد بن عتبة بأخذ البيعة من الحسين وابن الزبير وابن عمر نقلاً عن الطبري وقلنا إنّه لم يرد لابن عباس ذكر معهم ، وربما لأن ابن عباس لم يكن يومئذ بالمدينة وكان بمكة معتمراً عمرة رجب وكان موت معاوية في رجب ، فلمّا عاد إلى المدينة أتاه كتاب يزيد بأمره فيه بالخروج إلى الوليد بن عتبة ومبايعته له ... ولم يذكر أنّه ذهب إلى الوليد ، كما لم يذكر أنّ الوليد أرسل عليه ، كما أرسل على الحسين وابن الزبير ، قال الدينوري : « وأمّا عبد الله بن عباس فقد كان خرج قبل ذلك بأيام إلى مكة » (١) ، وقد روى ابن الأثير (٢) وابن كثير (٣) في تاريخهما وغيرهما أنّه وابن عمر لقيا الحسين وابن الزبير في الأبواء منصرفهما من العمرة ـ وكان الحسين وابن الزبير قد خرجا من المدينة بعد طلب الوليد منهما مبايعتهما ليزيد ـ فسألاهما عمّا وراءهما فقالا :
____________________
(١) الأخبار الطوال / ٢٢٨.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٤ / ٧ ط بولاق.
(٣) تاريخ ابن كثير ٨ / ١٤٨ نقلاً عن الواقدي.