لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، قال : ثمّ قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : ( لا أشبع الله بطنه ) » (١).
وأعاد ذكره مسلم مرة أخرى بسند آخر إلى أبي حمزة وبتفاوت يسير (٢).
فهذا الحديث صريح في دعاء النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على معاوية ، كما هو صريح في عدم مبالاة معاوية باستدعاء الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) واستمراره بالأكل ، وقد مرّ في الجزء الأوّل في حياة ابن عباس في عهد الرسول في شواهد ومشاهد ذكر الحديث. وسيأتي أيضاً تعقيبنا على هذا الحديث في مرويات مفتريات على ابن عباس.
وهنا لابدّ من وقفة تنوير عن موقف علماء التبرير أزاء هذا الحديث ، بدءاً من شرّاح صحيح مسلم وأولهم النووي ولعله أهمّهم فقد قال :
« وأمّا دعاؤه على معاوية أن لا يشبع حين تأخر ففيه الجوابان السابقان ، أحدهما : انّه جرى على اللسان بلا قصد ، والثاني : انّه عقوبة له لتأخره. وقد فهم مسلم ( رحمه الله ) من هذا الحديث أنّ معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية ، لأنّه في الحقيقة يصير دعاء له ... » (٣).
وقال الوشتاني الآبي المالكي : « قوله : ( لا أشبع الله بطنه ) ( م ) يحمل على أنّه من القول السابق إلى اللسان من غير قصد إلى وقوعه ولا رغبة في إجابته ( ط ) وهو دعاء حقيقة فلعله لتراخيه في الإجابة ، وإجابته ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) على الفور ، ويحتمل انّه
____________________
(١) صحيح مسلم ٨ / ٢٧ ط محمّد عليّ صبيح في البرّ والصلة.
(٢) المصدر السابق.
(٣) شرح صحيح مسلم للنووي ١٦ / ١٥٦ ط مصر.