عنك إذا تواريت عنه ، واعمل عمل عبد يعلم أنّه مأخوذ بالإجرام مجزي بالإحسان ، والسلام » (١).
وسوف يأتي في الحلقة الرابعة من الموسوعة ( عبد الله بن عباس في الميزان ) مزيد إيضاح وبيان.
ندبة المتفجّع لفقده ، قالها ابن عباس ، بعد أن يأس من بقاء الحسين بمكة ، ورأى من تصميمه وعزمه ما تيقّن معه أنّ الحسين سائر في طريقه إلى الشهادة ، وأن لا تلاقي بينهما بعد اليوم في الحياة ، وسوف يضمر في نفسه بصيص الأمل بصلاحها ، وقد صح في غياب الأمل يزداد الخوف والوجل ، وسوف تبقى النفوس حائرة خائرة ، تجتاحها الهواجس وتنتابها الوساوس. فصار ابن عباس يترقب المحذور وقد بدت علائمه ، ولم لا يترقب فهو أسير العاطفة الإنسانية ، وهو رهين الرحم القريبة ، وهو قبل ذلك وفوقه يتملكه الدين بشرعية الحفاظ على حياة إمامه ، فتصاعد وجيب قلبه فيما أحسب حين سمع صوت الركائب والنجائب ترغو لتحمل ركب الحسين الميمون المحزون. وهو يسمع أصوات الناس يهللون وهم يخرجون إلى منى يوم التروية ، بينما الركب يتوجه صوب العراق ، فلم يتمالك على نفسه فخرج مغضباً محزوناً وهو يقول واحسيناه (٢) ندبة المفجوع المكروب.
____________________
(١) كنز الفوائد / ١٩٤ ، وأعلام الدين للديلمي / ١٤٥.
(٢) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي / ٢١٦ ط الشريف الرضي بقم والملهوف لابن طاووس / ٢٦ ـ ٢٧.