من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثمّ ينصب له القتال ، وإنّي لا أعلم أحداً منكم خلعه ، ولا بايع في هذا الأمر إلاّ كانت الفيصل بيني وبينه » (١).
وقد مرّ بنا آنفاً أنّه أشار على الحسين بمبايعة يزيد ، فقال له الحسين ( عليه السلام ) : ( هيهات يا بن عمر ... فاتق الله يا أبا عبد الرحمن ولا تدعنّ نصرتي ، فوالذي بعث جدي محمداً بشيراً ونذيراً لو أنّه أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني لنصرتي ... ).
ولو لم يجد يزيد في ابن عمر وأمثاله أنصاراً له على جرائمه في المدينة وغيرها ، لما ارتكب موبقاته فيها فأباحها لجيشه ثلاثة أيام ، ارتكبوا فيها كلّ قبيح.
وكان ابن عباس يقول : جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ( وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا ) (٢) قال : لأعطوها ، يعني ادخال بني حارثة أهل الشام على أهل المدينة (٣).
وهذا ما حذّر منه الإمام الحسين سلام الله عليه أمة جدّه ممّن زاغ عن الحقّ وراغ مع الباطل فقال في يوم عاشوراء في إحدى خطبه : ( يا أمة السوء بئسما خلفتم محمّداً في عترته ، أما إنّكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله ، بل يهون عليكم عند قتلكم إياي ).
روى أبو الفرج الاصبهاني بسنده عن ابن أبي مليكة قال : « رأيتهم ـ يعني بني أمية ـ يتتايعون (٤) نحو ابن عباس حين نفر ابن الزبير بني أمية عن الحجاز ، فذهبت معهم وأنا غلام ، فلقينا رجلاً خارجاً من عنده ، ودخلنا عليه فقال له عُبيد
____________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ٥٧ ط بولاق سنة ١٣١٣ هـ.
(٢) الأحزاب / ١٤.
(٣) المعرفة والتاريخ للبسوي ٣ / ٣٢٧ ط أوقاف بغداد.
(٤) التتايع : التتابع في الشر والتهافت والاسراع إليه ، ويرمي بنفسه من غير تثبّت.