وإذا عرفنا أنّ الراوي هو مجاهد وهو من المكيين وكان من تلامذة ابن عباس المبرزّين ، فكان يأتي الطائف لزيارة استاذه فيسأله هو عن بناء الكعبة ، وأحسبه رجع إلى مكة بعد هذا الحديث.
وقد استغل عبد الملك بن مروان الموقف بالشام ، فمنع أهل الشام من الحج وذلك ان ابن الزبير كان يأخذهم إذا حجوا بالبيعة ، فلمّا رأى عبد الملك ذلك منعهم من الخروج إلى مكة ، فضجّ الناس وقالوا : تمنعنا من حج بيت الله الحرام وهو فرض من الله علينا.
فقال لهم : هذا ابن شهاب الزهري يحدّثكم أنّ رسول الله قال : ( لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي ومسجد بيت المقدس ) ، وهو يقوم لكم مقام المسجد الحرام ، وهذه الصخرة الّتي يروي أنّ رسول الله وضع قدمه عليها لمّا صعد إلى السماء تقوم لكم مقام الكعبة ، فبنى على الصخرة قبة وعلّق عليها ستور الديباج ، وأقام لها سدنة ، وأخذ الناس بأن يطوفوا حولها كما يطوفون حول الكعبة ، وأقام أهل الشام يأتون بذلك أيام بني أمية (١).
لقد مرّ بنا قول الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للزبير حين تواقفا في يوم الجمل : « قد كنّا نعدّك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرّق بيننا وبينك » (٢).
____________________
(١) أنظر تاريخ اليعقوبي ٣ / ٧ ـ ٨.
(٢) تاريخ الطبري ٥ / ٢٠٤ حوادث ٣٦ ط الحسينية بمصر.