وذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير الآية وقال أخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في سننه وابن عساكر عن ابن عباس.
وقد روى ذلك غير ابن عباس أيضاً ، وكان المسلمون يعرفون الوليد بالفاسق ، وهو المحدود في الخمر حدّه الإمام أمام عثمان بعد أن ثبت ذلك عليه ، وقصته مشهورة في التاريخ حين ولاّه عثمان ـ وكان أخاه لأمه ـ على الكوفة فشرب الخمر ثمّ قاءها في المحراب فشكاه أهل الكوفة وشهد عليه بذلك جماعة بعد أن أخذوا خاتمه من يده وهو سكران لا يعي ، وكاد عثمان يتستر عليه ولكن الإمام طالبه بإقامة الحد عليه فوكل الأمر إليه فجلده ، فكانت هذه الحادثة ممّا عمّقت الخلاف وأوغرت صدور الأمويين على الإمام.
وكان ابن عباس يحدّث بما كان بين الإمام وبين الوليد منذ أيام الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فقد أخرج الحاكم الحسكاني والبلاذري في أنساب الأشراف في ترجمة الإمام ، وابن المغازلي المالكي في المناقب والعصامي المكي في سمط النجوم وغيرهم جميعاً عن ابن عباس إن الوليد بن عقبة قال لعلي أنا أسلط منك لساناً وأحدّ سناناً واربط جناناً وأملأ حشواً للكتيبة فقال له عليّ : أسكت يا فاسق ، فأنزل الله ( عزّ وجلّ ) : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ ) (١).
أخرج أحمد في مسنده بسنده عن سعيد بن جبير قال : « أتيت على ابن عباس بعرفة وهو يأكل رماناً ، فقال : أفطر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعرفة ، وبعثت إليه اُم الفضل بلبن فشربه. وقال : لعن الله فلاناً ، عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته ، وإنّما زينة الحج التلبية » (٢).
____________________
(١) السجدة / ١٨.
(٢) مسند أحمد ٣ / ٢٦٤ رقم ١٨٧٠ تحـ أحمد محمّد شاكر.