يده وأمّا هذا فيريد منعك ما في يد الله تعالى. وفي هذا النمط ورد قوله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( إنّ لنعم الله أعداءً فقيل : ومن هم؟ قال الّذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ).
فإن صادف الحاسد قدرة نزع إلى الشر والوقيعة بالمحسود ، وان صادف عجزاً كان في حرب نفسية داخلية لا تهدأ ثورتها ولا تسكن حرارتها حتى يحل البوار بمحسوده ، أو يبقى هو حرضاً أو يكون من الهالكين.
وإذا رجعنا نتصفح مواقف ابن الزبير العدائية السيئة مع بني هاشم عموماً وابن عباس خاصة ، نجده تقمص الدواعي الثلاث في حسده فهو يراهم تفوقواً عليه شرفاً في الجاهلية والإسلام ، ولم ينل ما ناله إلاّ بهم ، وهذا هو الداعي الأوّل من بواعث حسده ، وسيأتي في بعض محاورات ابن عباس معه ما يشير إلى هذا.
ثمّ هو يرى نعم الله سبحانه تتوالى عليهم كلّ حين فلم يخل بيتهم من رجال قصر عنهم شأوه ، فلا يسعه أن يطاولهم في منكب أو موكب ، وهذا هو الداعي الثاني من بواعث حسده أيضاً.
وثالثة الأثافي يراهم قد سبقوا بفضائلهم علماً وحلماً وكرماً وجوداً شأواً بعيداً يقصر عن بلوغ مداه بخله وجهله ، فهو يريد الوقيعة بهم حتى همّ بإحراقهم ، وهذا هو الثالث من أهم بواعث حسده أيضاً وأضرّها عليه.
ولابدّ لنا من ذكر بعض الشواهد على تلك الدواعي نتبيّن منها ما لحق بابن عباس من أذاه لأنّه المحسود الأوّل من بني هاشم.
رحم الله أبا تمام حيث يقول :
وإذا أراد الله نشر فضيلة |
|
طويت أتاح لها لسان حسود |