فقال ابن الزبير : والله ما أنت بفقيه.
قال ابن عباس : والله لأنا أفقه منك ومن أبيك.
فلمّا خرج قال لقائده : مَن عنده؟ قال : ابنته وامرأته.
قال : فهلاّ أخبرتني؟ فوالله لو علمتُ ما أسمعتهما شتمه.
قال ـ ابن أبي مليكة ـ ثمّ أرسل إليه ابن الزبير أبا قيس الزرقي بأنا لسنا أوّل ابني عم استبّا ، فاكفف عني وأكفّ عنك.
قال ابن عباس : إن كفّ كففت ، وإن أذاع أذعت ... » (١).
ويبدو أنّ ابن الزبير لم يكفّ أذاه عن ابن عباس بل وعن سائر بني هاشم ، بل كان يتطاول لنُصبه فينال حتى من مقام الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بما لا يليق بأيّ مسلم أن ينال ذلك. وقد مرت بنا كلمة ابن الزبير : ( إنّي لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة ) ( وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدا ) (٢) لذلك كان ابن عباس يرد عليه.
وفي الشاهد التالي ما يدلنا على مدى التزام ابن عباس بالكفّ عن ابن الزبير ما وسعه ذلك ، إلاّ أنّ ابن الزبير كان يثير الفتنة ويستثير ابن عباس ، فيجيبه بما يسمه على الخرطوم حتى أمام أهله وصحبه ، فلنقرأ :
ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج (٣) ، وابن حجة الحموي في ثمرات الأوراق (٤) ، والسيّد عليّ خان المدني في الدرجات الرفيعة فقال : « وروي ان عبد
____________________
(١) المقفى الكبير ٤ / ٥٠٤ ط دار الغرب الإسلامي.
(٢) الأعراف / ٥٨.
(٣) شرح النهج ٢ / ٥٠١ ط مصر الأولى.
(٤) ثمرات الأوراق بهامش المستظرف ١ / ١٣٥.