وأمّا ما ذكرت من الطليق ، فوالله لقد ابتلي فصبر ، وأنعم عليه فشكر ، وإن كان لوفيّاً كريماً غير ناقض بيعة بعد توكيدها ، ولا مسلم كتيبة بعد التآمر عليها ، ولا بفرّار جبان.
فقال : أتعيّر الزبير بالجبن ، والله انك لتعلم منه خلاف تلك.
فقال ابن عباس : والله إنّي لا أعلم إلاّ أنّه قد فرّ وما كرّ ، وحارب فما قرّ ، وبايع فما برّ ، وأنكر الفضل ، ورام ما ليس له بأهل. وأنشأ ابن عباس ( رحمه الله ) يقول :
وما كان إلاّ كالهجين أمامه |
|
عناقٌ فجاراه العناق فأجهدا |
فأدرك منها بعض ما كان يرتجي |
|
وقصّر عن جري الكرام مبلّدا |
فقال عبد الله بن نوفل بن الحرث : ويلك يا بن الزبير أقمناه عنك فتأبى إلاّ منازعته ، فوالله لو نازعته من ساعتك هذه إلى انقضاء عمرك ما كنت إلاّ كالمزداد من الريح ، فقل إن شئت أو فدع.
فقال ابن الزبير : والله يا بني هاشم ما بقي إلاّ المحاربة والمضاربة بالسيوف.
فقال عبد الله بن نوفل بن الحرث : أما والله لقد جرّبت ذلك فوجدت غيّه وخيماً ، فإن شئت فعد حتى نعود.
وانصرف القوم وافتضح ابن الزبير » (١).
قال ابن أبي الحديد بعد ما سبق ذكره من مكاشفة ابن الزبير لبني هاشم بالعداوة وناصره على ذلك محمّد بن سعد بن أبي وقاص ، وأنكر عليه عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي قال :
____________________
(١) الدرجات الرفيعة / ١٣٢ ط الحيدرية.