قال الخوارزمي في مقتل الحسين : « ثمّ بعث مصعب برأس المختار إلى عبد الله بن الزبير ، فأمر عبد الله برأس المختار فنصب بالأبطح ، وكان قبل ذلك أبى أن ينصب محمّد بن الحنفية رأس ابن زياد خارج الحرم. ثمّ أرسل عبد الله ابن الزبير إلى ابن عباس فقال له : يا بن عباس ان الله قد قتل المختار الكذاب. فقال ابن عباس : رحم الله المختار ، فقال : كأنّك لا تحب أن يقال الكذاب؟ قال : فإن المختار كان محباً لنا عارفاً بحقنا ، وإنّما خرج بسيفه طالباً لدمائنا ، وليس جزاؤه منّا أن نشتمه ونسمّيه كذّاباً ».
وقال : « وبقي عبد الله بن الزبير يجدّ في مناوأة محمّد بن الحنفية وابن عباس وبقية أهل البيت حتى حبسهما إذ لم يجيباه إلى البيعة ، وكان قبل ذلك حبس محمّد ابن الحنفية في قبة الشراب ، فعلم المختار بذلك فأرسل إليه أبا عبد الله الجدلي في جيش عظيم فخلّصه ، وتوعّد ابن الزبير إن أخافه ، فأمسك ابن الزبير إلى ان قتل المختار ، فعاد إلى ما كان عليه من العداوة ، حتى قال يوماً لابن عباس : انّه قد قتل المختار الكذاب الّذي كنتم تمدون أعينكم إلى نصرته.
فقال ابن عباس : دع عنك المختار ، فإنّه قد بقيت لك عقبة تأتيك من الشام ، فإذا قطعتها فأنت أنت ، وإلاّ فأنت أهون من كلب في درب الجامع. فغضب وقال : إنّي لم أعجب منك ، ولكن أعجب مني إذ أدعك تتكلم بين يدي بملء فمك ، فتبسم ابن عباس وقال : تكلمت والله بين يدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وعند أبي بكر غلاماً ، وعند عمر وعثمان وعليّ رجلاً ، وكانوا يرونني أحق من نطق ، يسمعون رأيي ، ويقبلون مشورتي ، وهؤلاء الّذين ذكرتهم بعد رسول الله خير منك ومن