قال أبو عبد الله النقاش فأجاد :
إذا وجد الشيخ من نفسه |
|
نشاطاً فذلك موت خفي |
ألست ترى أنّ ضوء السراج |
|
له لهب قبل أن ينطفي (١) |
وهكذا لقد نشط ابن عباس وهو بذلك السنّ وقد جاوز السبعين من العمر ، نشاطاً ملحوظاً في تثقيف أهل الطائف وان كان نشاطه كنور ذبالة السراج قبل إنطفائها وقد نفد زيتها ، فهو يؤدي بذلك رسالته الإصلاحية الّتي تحمّلها. فكان يجلس لأهل الطائف الّذين يتوافدون عليه مغتبطين بحلوله عندهم ، يستفتونه فيفتيهم ، ويتطلبون المزيد من حديثه فيحدّثهم ، ينهلون من نمير علومه ما وسعهم ، وهو على ما به من تقدم السنّ وفقدان البصر وضعف الحال ، لم يترك أداء رسالته الّتي أخذ الله على العلماء أن يؤدّوها ، وأن ( لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ) كما قال إمامه وابن عمّه ومربّيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في آخر شقشقته الّتي وعاها ابن عباس عنه دراية ، فأدّاها إلى الأمة رواية ، فمن هو أولى بها رعاية وحماية ، فاتخذها نهجاً يخطب في أهل الطائف ويبلّغهم ـ غير هيّاب ولا خائف ـ
____________________
في آخره : ولا أشمت بنا ولا بك عدواً حاسداً أبداً والسلام. ونسبه إلى الحسين ( عليه السلام ) ، فقد رواه فيما روي عن الحسين فقال : وكتب إلى عبد الله بن العباس حين سيّره عبد الله بن الزبير إلى اليمن وذكر الكتاب. ولما كان التبعيد من ابن الزبير أيام حكومته وهي بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) فلا يعقل أن يكون الكتاب منه ( عليه السلام ) ، واحتمال انّه من عليّ بن الحسين بعيد ، لأنّ ابن عباس خاطب المكتوب إليه بـ ( يا أخي ) ممّا يكشف أنّه من أقرانه سنّاً ، وعليّ بن الحسين ليس كذلك في سنّه. فاحتمال وهم المؤلف أو من روى عنهم وارد ، ويؤكد أن مرسل الكتاب هو محمّد بن الحنفية رواية اليعقوبي له في تاريخه ٣ / ٩ ط الغري فقد ذكره مرسلاً من دون ذكر الجواب.
(١) الخريدة ق ٣ / ١ / ٥٠.