أمّا أنّ معطياته لكثيرة وكبيرة إذا ما تدبّرنا ما جاء في كتاب ابن الزبير ما يعرب عن قلق ، يخشى أن يستمر العطاء فيفلت منه الوكاء لذلك هدّد وتوعّد ، ولكن ابن عباس كما قرأنا جوابه قد أقسم بالله أن لا ينتهي عن قولة الحقّ وصفة أهل العدل والفضل ، وذمّ الأخسرين أعمالاً ... وقد أبرّ قسمه ولم يحنث ، بل وفى وأوفى ، وقد وردت أخبار متفرقة في معانيها ، مجتمعة في مبانيها ، دلّت على ما كان يبذله من عطاء مثمر ومستمر حتى آخر أيامه ، بل وحتى ساعة موته.
فلنقرأ ما وصل إلينا من تلك الأخبار :
١ ـ روى السيّد ابن طاووس ( ت ٦٦٤ ) في فلاح السائل قال : « ورواية أخرى في أسرار الأذان مروية عن ابن عباس رضوان الله عليه ، وهو تلميذ مولانا عليّ ( عليه السلام ) ، ورواياته في مثل هذا إمّا إلى النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وأمّا إلى مولانا عليّ ( عليه السلام ).
قال السعيد أبو جعفر ابن بابويه (١) : حدّثني أبو الحسن محمّد بن عمرو بن عليّ بن عبد الله البصري ، قال : حدّثنا أبو محمّد خلف بن محمّد البلخي بها عن أبيه محمّد بن أحمد قال : حدّثنا عياش بن الضحاك عن مكي بن إبراهيم عن ابن جريج عن عطاء قال : كنا عند ابن عباس بالطائف أنا وأبو العالية وسعيد بن جبير وعكرمة ، فجاء المؤذن فقال الله أكبر الله أكبر ـ واسم المؤذن قثم بن عبد الرحمان الثقفي ـ قال فقال ابن عباس : أتدرون ما قال المؤذّن؟ فسأله أبو العالية وقال : أخبرنا بتفسيره.
قال ابن عباس : إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر يقول : يا مشاغيل الأرض قد وجبت الصلاة فتفرّغوا لها.
____________________
(١) معاني الأخبار / ٣٨ ط الحيدرية بتقديمي سنة ١٣٩١.