فقد حكى السيوطي في الدر المنثور عن ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ( فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) قال : أعلم الله الرسلَ من الغيب الوحي وأظهرهم عليه فيما أوحى إليهم من غيبه ، وما يحكم الله فإنّه لا يعلم ذلك غيره (١).
وإذا أردنا أن نتعامل مع النص السابق كوثيقة تاريخية أمكننا أن نعرف أنّ مدة مرضه كانت أكثر من الّتي حدّدها عطية بن سعد بثماني ليال ، فإنّها الليالي الّتي عاشها بعد قوله القول ، ولو أنّ عطية ذكر لنا تاريخ المرض أو تاريخ الوفاة لأفاد كثيراً.
ومهما يكن فإنّ لابن عباس وصية أوصى بها ولده عليّاً لعلها كانت في تلك الفترة الّتي ذكرها عطية.
فقد ورد في مختصر تاريخ الخلفاء : « إنّه لمّا دنا موت عبد الله أوصى إلى ابنه عليّ فقال له : إنّ أفضل ما أوصيك به تقوى الله الّذي هو دعامة الأمر ، وبه يقوم الدين والدنيا ، ومن بعد ذلك فاعلم يا بني إن الناس قد أصبحوا ـ إلاّ قليلاً ـ في عمىً من أمرهم ، يضرب بعضهم بعضاً على دنيا فانية قد نعاها الله إليهم ، وقد سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لجدّك : هذا الأمر كائن في ولدك عند زواله عن بني أمية ، فمن منهم ولي أمر الأمة فليتق الله وليعمل بالحقّ ، وليقتد برسول الله ، فإنّ أحق الناس باتباع أثره أمسّهم به رحماً ، وليست الحجاز لكم بدار بعدي ، فإذا أنت واريتني ، فالمم شعث أهلك
____________________
(١) الدر المنثور ٦ / ٢٧٥.