فها هو الآن يودّع الحياة الّتي قاسى آخر أيامه فيها الشدائد من ظلم ابن الزبير الّذي أخرجه عن مكة حرم الله ، وكان يودّ أن يموت فيها كما مرّ في دعائه بنُعمان ، ولكن لله أمر هو بالغه.
وها هي آخر شدة من شدائد الحياة يلقاها بأحسن عدة وخير زاد ليوم المعاد.
لقد ورد في الحديث النبوي الشريف : ( وإنّما الأعمال بخواتيمها ) ، وهو حديث صحيح لا غبار عليه سنداً ومتناً (٢) ، وهو ميزان يعرف به تقويم الناس في الحياة الدنيا.
ولمّا كانت خاتمة ابن عباس في حسنها فريدة في بابها ، يحسن بنا أن نذكرها ونقدم عليها ذكر من رواها توثيقاً لها.
فقد رواها أحمد بن حنبل ـ وهو أقدم من رواها ـ في كتابه فضائل الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « حدّثنا الحسن بن عليّ البصري قال حدّثنا محمّد بن يحيى قال حدّثنا أبي قال حدّثنا الحاكم بن ظهيرة عن السدي عن أبي صالح ... » (٣) الخبر.
وروى الخبر بهذا السند أيضاً أبو جعفر محمّد بن أبي القاسم عليّ بن محمّد بن عليّ الطبري ـ من علماء الإمامية في القرن السادس ـ في كتابه بشارة المصطفى (٤) ، وأحسبه أخذه من كتاب أحمد.
____________________
(١) حديث نبوي شريف رواه عن ابن عباس ، أنظر كنز العمال ٢٠ / ١٨٧ ط حيدر آباد الثانية.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاص ، وأحمد في مسنده ٥ / ٣٣٥ من حديث سهل بن سعد ، وغيرهما.
(٣) فضائل الصحابة ( الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام » ١ / ورقة ١٠١ أ نسخة مصورة بمكتبتي.
(٤) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى / ٢٣٩ ط الحيدرية سنة ١٣٨٣ هـ.