والآن إلى نماذج من تلك الأخطاء نتيجة ذلك الإختلاف :
أوّلاً ـ في سنة الوفاة.
لقد ذكر ابن سعد في طبقاته في ترجمته وأحمد بن حنبل والواقدي والطبري في تاريخه والحاكم في المستدرك وابن عساكر وابن كثير وغيرهم : أنّ وفاته كانت سنة ٦٨ ، وهذا هو المشهور عند الحفاظ كما يقول ابن كثير.
غير أنّ ثمة أقوال شاذة وغريبة ذكرها مترجموه منها ، وقيل : سنة ثلاث وسبعين ، وقيل : سنة سبع وستين ، وقيل : تسع وستين ، وقيل : سنة سبعين. وأغرب منها جميعاً ما رواه الحاكم بسنده عن شعبة مولى ابن عباس قال : « وتوفي ابن عباس سنة ثمان وسبعين وهو ابن احدى وثمانين سنة » (١).
قال ابن كثير في تاريخه : « والأوّل أصح ، وهذه الأقوال كلّها شاذة وغريبة ومردودة والله سبحانه وتعالى أعلم » (٢).
وليت الرواة الّذين ذكروا ذلك ذكروا لنا اليوم والشهر ممّا لم ترد عنهما أي إشارة في كتاب ، بالرغم من كثرة فحصي الكثير عن ذلك. نعم يمكن أن نستفيد من آخر نص قد أورده الذهبي في ترجمة محمّد بن الحنفية في كتابه سير أعلام النبلاء نقلاً عن الواقدي جاء فيه : « ...ثمّ خرجوا إلى الطائف ، وبها توفي ابن عباس وصلّى عليه محمّد ، فبقينا معه فلمّا كان الحج وافى محمّد بأصحابه فوقف ، ووقف نجدة بن عامر الحنفي في الخوارج ناحية ، وحجت بنو أمية على لواء » (٣). فمن هذا النص عرفنا أنّ موت ابن عباس كان قبل أيام الحج من سنة٦٨ هـ.
____________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٥٤٤.
(٢) تاريخ ابن كثير ٨ / ٣٠٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ٥ / ١٤٤.