ثانياً ـ في مكان الوفاة :
ما كنت أحسب أن يشذ أحد في تعيين مكان الوفاة ، لشهرة موته بالطائف ودفنه بوادي وجّ بالطائف وشاهد قبره قائم إلى سنة ١٢١٧ هـ حيث هدمه الوهابيون ، غير أنّ أبا بكر بن أبي عاصم ذكر أنّ ابن عباس مات بمكة ، حكاه عنه غير واحد ، قال المحب الطبري في الذخائر : « خرّجه ابن الضحاك » (١) ، وأغرب منه ابن الطقطقي أورد اسم عبيد الله بدل عبد الله!! (٢). وكيفما كان الصحيح في الإسم ، فإنّ ذلك من غرائب الأوهام أن يقول ابن الطقطقي : فإنّ عبد الله ـ عبيد الله ـ تولى إمارة سمرقند وبها مات وفيها قبره؟!
وقد وقع في نفس الخطأ عبد الرزاق الحصّان (٣).
لقد بنى خلفاء بني العباس على قبره مسجداً كبيراً رآه الرحالة ناصر خسرو وقد ذكره في رحلته وقال : « وبجوارها ـ الطائف ـ قبر عبد الله بن العباس ، وبني خلفاء بغداد هناك مسجداً كبيراً يقع القبر في زاويته على يمين المحراب والمنبر ، وبنى الناس هناك بيوتاً كثيرة ... » (٤).
قال تقي الدين الحسني الفاسي المكي المتوفى سنة ٨٣٢ هـ في العقد الثمين في أواخر ترجمة ابن عباس بعد ذكر ما مرّ من صلاة وتأبين محمّد بن الحنفية ودخول الطائر الأبيض في أكفانه وسماع المشيّعين صوت قارئ لا يرون
____________________
(١) ذخائر العقبى / ٢٣٧.
(٢) الفخري / ٥٣ ط مصر الأولى وفي / ٧٣ ط صادر.
(٣) كتاب الحسبة / ٣٤ ط التفيض الأهلية ببغداد.
(٤) رحلة ناصر خسرو / ٨٨ سفرنامة ناصر خسرو.