هذه باقة تعبق بالشذى مقتطفة من رياض حياة ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن ، تضم أشتاتاً مجموعة من أخباره في أدوار حياته ، تحكي لنا غرّ صفاته ، وجميل عاداته ، ولم نجمع معها ما يدل على معارفه وعلومه وسائر قدراته ، فإنّ ذلك سيأتي بعون الله تعالى في الحلقتين التاليتين : الثانية والثالثة.
أمّا أشتات هذه الباقة ففي أزهارها ما يعبق عوده بجوده وسخائه ، ومنها ما يعبق بآدابه وأخلاقه ، ومنها ما يعبق بورعه وتقواه ، إلى غير ذلك من أزاهير رياضه الفوّاحة ، فلنتسنم منها ما عطّر الساحة.
لمّا كان الجود جبلّة نفسية من غرائز النفس في الإنسان ، فقد تعدم عند الغني وتوجد عند الفقير.
والجواد محبّب بصفاته حتى إلى أضداده ، كما أنّ البخيل مبغوض حتى إلى أولاده.
والجواد هي السخي بما لَه وعنده يتكرم قبل السؤال. أمّا إذا كان بعد السؤال فهو العطاء ثمناً لماء الوجه.
وقد حبّب الإسلام الكرَم ودعا إليه ، وقد ورد في الحديث الشريف :
( السخي قريب من الله ، قريب من الناس ، قريب من الجنة ، بعيد عن النار ) ، و ( البخيل بعيد من الله ، بعيد من الناس ، بعيد من الجنة ، قريب من النار ).