مولود وإنّي سميته باسمك تبركاً بك وإن أمه ماتت ، فقال له ابن عباس : بارك الله في الهبة ، وأجزل لك الأجر على المصيبة ، ثمّ دعا وكيله وقال انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه ، وادفع للرجل مائتي دينار للنفقة على تربيته ، ثمّ قال للأنصاري : عُد إلينا بعد قليل ، فإنك جئتنا وفي العيش يبس وفي النفقة قلة.
فقال الأنصاري : جعلت فداك والله لو سبقت حاتماً بيوم لم تذكره العرب ، ولكنه سبقك فصرت له تالياً ، وأنا أشهد أنّ عفو جودك أكثر من مجهوده ، وطلّ كرمك أغزر من وابله » (١).
٣ ـ ذكر أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني : « أنّ عبد الله بن العباس بن عبد المطلب مرّ بمعن بن أوس المزني ، وقد كفّ بصره ، فقال له : يا معن كيف حالك؟ فقال له : ضعف بصري وكثر عيالي وغلبني الدَين ، قال : وكم دينك؟ قال : عشرة آلاف درهم ، فبعث بها إليه. ثمّ مرّ به من الغد فقال له : كيف أصبحت يا معن؟ فقال :
أخذت بعين المال لما نهكته |
|
وبالدَين حتى ما أكاد أدان |
وحتى سألت القرض عند ذوي الغِنى |
|
وردّ فلان حاجتي وفلان |
فقال له عبد الله : الله المستعان ، إنّا بعثنا إليك بالأمس لقمة فما لكتها حتى انتزعت من يدك ، فأي شيء للأهل والقرابة والجيران؟ ثمّ مضى وبعث إليه بعشرة آلاف درهم أخرى ، فقال معن يمدحه :
إنّك فرع من قريش وإنما |
|
تمجّ الندى منها البحور الفوارع |
____________________
(١) المستظرف ١ / ١٦٠.
وذكر هذه القصة كلّ من ابن عبد ربه في العقد الفريد ١ / ٣٤٣ ط أحمد أمين ورفيقيه ، والغزالي في إحياء العلوم ٣ / ٢١٣ ونسباها إلى أخيه عبيد الله بن عباس.