ولد غيرك لكان فيك كفاية ، فكيف وقد ولد سيّد الأولين والآخرين ثمّ شفع بك وبأبيك » (١).
وختام القول فهو كان يرى الإنفاق في اعالة بيت من المسلمين شهراً أو جمعة أو ما شاء الله أحبَ إليه من حجة بعد حجة ، ويرى هدية طبق بدانق يهديه إلى أخ له في الله أحب من دينار ينفقه في سبيل الله ( عزّ وجلّ ) (٢) ألم يرو لنا مؤرج السدوسي المتوفى سنة ١٩٥ في كتابه حذف من نسب قريش قوله : « وكان منادٍ ينادي بمكة : من يريد العلم واللحم فليأت منزل عبد الله بن عباس » (٣).
وقد مرت بنا في تاريخه بالبصرة أيام ولايته ، وفي أيام ابن الزبير في حكومته شواهد أخرى دالة على جوده وسخائه.
لقد وردت شواهد منثورة دالة على تعامله مع الناس على أختلاف مشاربهم ومواهبهم ، وإنّا إذ نسوقها ذكراً دون تعقيب منا عليها ، لوضوح دلالتها على خلقه العالي الرفيع في سعة الصدر لاحتمال الأذى ، ومنتهى الأدب في تكريم من يستحق التكريم وإن كان من شرائح المجتمع الدون حسب أعراف المجتمع يومئذ ، وبذلك السلوك الشخصي فرض احترامه واكتسب الثناء عليه ، وفيما ورد شعراً ونثراً من مديح أثنى الناس به عليه ما يعبّر عن مبلغ إعجابهم وعظيم تقديرهم.
ولعل أهم شرائح المجتمع الّتي يخشى الناس حصائد ألسنتهم ، وبوادر نزواتهم ، هم زمرة الشعراء ومنهم الهجاؤن خاصة ، ممّن لم تسلم أعراض الناس
____________________
(١) زهر الربيع / ٣٢٦ ط بمبئ سنة ١٣٤٢.
(٢) البيان والتبيين ١ / ٢٨٤.
(٣) حذف من نسب قريش / ٨.