وكيف؟ قال : أما علمت ان بعض قريش في الجاهلية يزعمون أنّي للعباس ، فسقط في يدي يزيد (١).
وممّا يؤكد هذا المعنى حديث بيعة النساء يوم فتح مكة ومنهنّ هند أم معاوية ، فقال النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مشترطاً عليهنّ شرائط الإسلام : ( وان لا تزنينّ ) فقالت هند : « وهل تزني الحرّة » فنظر إلى عمه العباس وتبسم (٢).
وذكر الزمخشري : « انّ معاوية كان يعزى إلى أربعة : مسافر بن عمرو وعمارة بن الوليد والعباس بن عبد المطلب والصباح مغنٍّ أسود كان لعمارة » (٣).
لقد مرّت بنا في أولى محاوراته في الحرمين قول معاوية له : « فإنّا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب عليّ وأهل بيته ، فكفّ لسانك يا بن عباس واربع على نفسك ». فأجابه ابن عباس وحاوره حتى خصمه وانتهت المحاورة يقول معاوية وقد بان عليه الفشل والخجل أمام جموع المسلمين الّذين كانوا يستمعون إلى النقض والإبرام ، بين المتحاورين في المسجد الحرام فقال : يا بن عباس اكفني نفسك ، وكفّ عني لسانك ، وإن كنت لابدّ فاعلاً فليكن ذلك سراً ولا يسمعه أحد منك علانية. ثمّ تقول الرواية فرجع معاوية إلى منزله فبعث إليه بخمسين ألف درهم ، وثمة روايات زاد فيها الرقم إلى مائة ومائتين. وليس معرفة الرقم الصحيح بذي بال. إنمّا المهم أن نعرف موقف ابن عباس بعد هذه المحاورة هل استجاب لطلب معاوية فلم يتحدث إلى الناس بفضائل الإمام أمير
____________________
(١) المثالب للكلبي نسخة المرحوم الشيخ السماوي بخطه.
(٢) الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي / ١٠٤ ط صادر.
(٣) ربيع الأبرار ٣ / ٥٥١ باب القرابات والأنساب.