المؤمنين ( عليه السلام )؟ وهل كان للمال تأثيره في تغيير المواقف؟ مع أنّ الجواب عن مسألة أخذ ابن عباس للمال قد تبيّن ممّا مرّ في محاورته الّتي لخصها الفضل بن العباس اللهبي في أبياته فراجع. لكن يبقى الجواب عن مدى استجابة ابن عباس لطلب معاوية في عدم ذكره مناقب عليّ ( عليه السلام ) وأهل بيته. تحت تأثير الترغيب بالمال أو الترهيب بالقوة فنقول : من خلال متابعتي لمواقف ابن عباس مع أعداء الإمام تبيّن لي إنّه كان ابن جلاها وطلاع ثناياها في تحدي السلطة وإعلان معارضته ، عن طريق التحدث بفضائل الإمام ( عليه السلام ) ، وكلّ تلك المواقف تنتهي بفوزه على خصومه ، وجملة منها كانت في أيام حكم معاوية ، فهو لم تلن له قناة ، ولم تقرع له صفاة ، بل كان مثجاً يسيل غربا ، واذا أردت عرض جميع ما وقفنا عليه فاحتاج إلى وقت طويل يعيقنا عن متابعة تاريخه ونحن بهذا السبيل ، إلاّ أني أعرض بعض نماذج فيها تحدٍ تسافر لبيان السلطة وصاحبها ، ولم أقف على مورد واحد فيه عقاب أو عتاب جوبه به ، وهذا يعني أنّ ابن عباس في هذا الميدان كان أقوى من سلطة معاوية ، وسلاحه فيه أمضّ وأمضى.
فإلى نماذج من مرويّاته ومواقفه في هذا الباب :
قد روى هذه الواقعة أحمد في مسنده ، والنسائي في الخصائص ، والحاكم في المستدرك ، والذهبي في تلخيصه وآخرون نيّفوا على العشرة كما سيأتي ذكرهم وموارد رواياتهم في مصادرهم جميعاً في الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى.
أمّا الآن فإلى الحديث برواية عمرو بن ميمون قال : « إنّي لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط. فقالوا : يا بن عباس إمّا أن تقوم معنا وإمّا أن يخلونا هؤلاء؟ ـ وأشاروا إلى جلسائه ـ فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ـ وهو يومئذ