عن عكرمة قال : « بينا ابن عباس يحدّث الناس ، إذ قام إليه نافع بن الأزرق (١).
فقال : يا بن عباس تفتي في النحلة والقملة ، صف لي إلهك الّذي تعبده.
فأطرق ابن عباس إعظاماً لقوله ، وكان الحسن ( عليه السلام ) جالساً في ناحية ، فقال : إليّ يا بن الأزرق ، قال : لست إياك أسأل.
قال ابن عباس : يا بن الأزرق انّه من أهل ( بيت ) النبوة ، وهم ورثة العلم (٢) فأقبل نافع نحو الحسن ( عليه السلام ).
فقال له الحسن : يا نافع إنّه من وضع دينه على القياس لم يزل دهره في التباس قابلاً غير المنهاج ، ظاعناً في الإعوجاج ، ضالاً عن السبيل ، قائلاً غير الجميل.
يا بن الأزرق أصف إلهي بما وصف به نفسه ، وأعرّفه بما عرّف به نفسه : لا يدرك بالحواس ولا يُقاس بالناس ، فهو قريب غير ملتصق ، وبعيد غير متقصّي ، يُوحَّد ولا يبعّض ، معروف بالآيات ، موصوف بالعلامات ، لا إله إلاّ هو الكبير المتعال.
قال : فبكى ابن الأزرق وقال : يا حسن ما أحسن كلامك! أمّا والله يا حسن لئن كان ذلك لقد كنتم منار الإسلام ونجوم الاحكام ، حتى بدّلتم فاستبدلنا بكم.
____________________
(١) رأس فرقة الأزارقة من الخوارج ، وهو صاحب المسائل في غريب القرآن الّتي سأل ابن عباس عنها وطلب منه أن يأتيه بشاهد على ذلك من شعر العرب ، وسيأتي في الحلقة الثالثة مزيد بيان عنها.
(٢) ستأتي من ابن عباس كلمة له مشابهة قالها لمعاوية في الإمام الحسين ( عليه السلام ) حين أرادهما على بيعة يزيد فانتظر وانظر : إنها لذرية الرسول وأحد أصحاب الكساء ومن البيت المطهر.