فقال الحسن : إنّي أسألك عن مسألة قال : سل ، قال : هذه الآية ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ) (١) يا بن الأزرق ، من حفظ في الغلامين؟ قال : أبوهما ، قال الحسن : فأبوهما خيرٌ أم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )؟ قال ابن الأزرق : قد أنبأنا الله بأنّكم قوم خصمون » (٢).
روى الحاكم بسنده عن أبي مليكة قال : « جاء رجل من أهل الشام فسبّ عليّاً عند ابن عباس ، فحصبه ابن عباس وقال : يا عدو الله آذيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ) (٣) لو كان رسول الله حياً لآذيته » (٤).
وأخرجه الذهبي في التلخيص وقال : « أنّه صحيح » (٥).
هذه نماذج من مواقف ابن عباس في مقاومته السلطة الغاشمة الّتي فرضت التعتيم الإعلامي على فضائل الإمام وأهل بيته وهو بنشاطه المستمّر ، وكفاحه المستمر كان يشكل عنصراً مهماً في تحدي معاوية لا يوازيه فيه غيره ، وفي كلّ مواقفه الّتي مرّت والّتي سوف تأتي في الحلقة الثالثة كان الوحيد الّذي حفظ التاريخ له مواقفه الكثيرة ، فكان ابن عباس رجل الساعة والساحة بتحديه الصارخ لمعاوية مع شدة إجراءاته التعسفية.
____________________
(١) الكهف / ٨٢.
(٢) الحدائق الوردية ١ / ١٥٤ مط مكتبة مركز بدر العلمي والثقافي في صنعاء.
(٣) الأحزاب / ٥٧.
(٤) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٢١.
(٥) تلخيص الذهبي بهامش المستدرك.