وهو يحدّث الناس إذ قام أبو ذر حتّى ضرب بيده إلى عمود الفسطاط ، ثمّ قال : أيّها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته باسمي ، أنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري ، سألتكم بحق الله وحق رسوله ، أسمعتم رسول الله يقول : ( ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر؟ ) قالوا : اللّهمّ نعم ، قال : أتعلمون أيّها الناس أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمعنا يوم غدير خم ألف وثلثمائة رجل ، وجمعنا يوم سمرات خمسمائة رجل ، وفي كلّ ذلك يقول : ( اللّهم من كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه ، اللّهم والي من والاه وعاد من عاداه ) فقام عمر فقال : بخ بخ لك يابن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، فلمّا سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان اتكأ على المغيرة بن شعبة وقام وهو يقول : لا نقر لعليّ بولايته ، ولا نصدّق محمداً في مقالته ، فأنزل الله تعالى على نبيّه ( فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى ـ وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ـ ثَمَ ذَهَبَ الَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ـ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) (١) تهديداً من الله تعالى واشهاداً؟ فقالوا : اللّهمّ نعم (٢).
روى عنه ابن عباس قال : جاء رجل فمدح عثمان ، فقام المقداد يحثو في وجهه التراب ، فقال له عثمان : ما لك؟ قال : أمّا أنّا فلا أدع شيئاً سمعته
____________________
(١) القيامة / ٣١ ـ ٣٥.
(٢) شواهد التنزيل ٢ / ٣٩٠.