ومن الطبيعي أن يكون أبو هريرة في أعلا السلّم من حيث الرقم في الكمّ ، لولا أنّه أنزل نفسه ـ ولعلّه تواضعاً أو جائعاً مازحاً فقد كان هو كذلك ـ فأخلى المقام لعبد الله بن عمرو بن العاص ، ونحن مجاراة له كانت مسيرتنا مع الصحابة المكثرين ، فجعلناه أوّلهم.
أسلم وهاجر هو وأبوه قبل الفتح بستة أشهر ، قال محمّد محمّد أبو زهو في كتابه الحديث والمحدثون : ( كان أكثر الناس أخذاً للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، روى البخاري في كتاب العلم أنّ أبا هريرة قال : ما كان أحد أكثر حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مني إلاّ ما كان من عبد الله بن عمرو فإنّه كان يكتب ولا أكتب. وجاء عنه أنّه كان يكتب كلّ ما يسمعه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فنهته الصحابة (؟) عن ذلك ، وقالوا : إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يتكلم في الغضب والرضا فلا تكتب كلّ ما تسمع ، فسأل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال له : ( أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منهما إلاّ حق ـ يعني شفتيه الكريمتين ـ. ).
وروى ابن سعد عن مجاهد قال : رأيت عند عبد الله بن عمرو بن العاص صحيفة فسألت عنها فقال : هذه الصادقة ، فيها ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس بيني وبينه فيها أحد ... ) (١).
____________________
(١) الحديث والمحدثون / ١٤٢ ط١ مصر ١٣٧٨ هـ شركة مساهمة مصرية.