الوجه في أخذه عن الصحابة
لا شك في أنّ حبر الأمة قد أخذ الحديث عن بعض الصحابة ـ وخاصة الأنصار ـ وكان أخذه على نحو الإنتقاء في الشيوخ ، وستأتي النصوص التي تكشف لنا عن إهتمامه البالغ ، وحرصه الشديد على سماع الحديث عنهم ، ولابد من تفسير معقول ومقبول لذلك الإهتمام الشديد ، بعد أن كان عنده المعين الصافي الذي لا تكدّره الدلاء ، ولا تعجزه كثرة الواردين عن إرواء الجميع من نمير تطفح ضفتاه ولا يترنق جانباه ، ولو أمعنا النظر في التراث المنقول عن تاريخ تلك الحقبة ، نجدها فترة ذات حساسية عالية مرّت بها جماعة المسلمين ، فقد حدث التنازع بين المهاجرين والأنصار فغلب المهاجرة وحدثت بيعة الفلتة ، ولم يرض بنو هاشم ـ ومنهم ابن عباس طبعاً ـ بتلك البيعة وامتنعوا ستة أشهر عن مبايعة الخليفة ، وقد مرّ حديث السقيفة بما جرّ من بعده لأحداث أسيفة وكسيفة ، فكانت جفوة ، وكانت نبوة ، وحدثت إجراءات صارمة من الفئة الحاكمة ضد الساخطين ، وفي الرجوع إلى الحلقة الأولى وقراءة ( فترة بين عهدين ) ما يغني عن الإعادة.